الرئيسيةمال وأعمالهل تنجح اليابان في إقناع أمريكا بإلغاء رسوم ترامب الجمركية؟

هل تنجح اليابان في إقناع أمريكا بإلغاء رسوم ترامب الجمركية؟

هل تنجح اليابان في إقناع أمريكا بإلغاء رسوم ترامب الجمركية؟

في وقت حساس يشهده الاقتصاد العالمي، تصاعدت حدة التوترات بين اليابان والولايات المتحدة بشأن ما يُعرف باسم رسوم ترامب الجمركية، والتي تهدد بإلحاق ضرر بالغ بصادرات اليابان الحيوية، وعلى رأسها صناعة السيارات. ومع اقتراب موعد تطبيق زيادة الرسوم الجمركية على الواردات اليابانية، تسابق طوكيو الزمن لإقناع واشنطن بإعادة النظر في قرارات إدارة ترامب السابقة. فهل تنجح هذه الجهود؟ هذا ما نناقشه في هذا التقرير الموسع.

أسباب تصاعد الأزمة التجارية بين اليابان وأمريكا

تعود جذور الأزمة إلى قرارات إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي فرضت تعريفات جمركية مرتفعة على عدد من الدول، من بينها اليابان، بحجة حماية الصناعات المحلية الأمريكية. من بين أبرز هذه الرسوم، رسوم إضافية بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار اليابانية، و50% على الحديد والألومنيوم.

وتُعد رسوم ترامب الجمركية من أبرز التحديات التي تواجه العلاقات التجارية بين البلدين، حيث تنتهي فترة الإعفاء المؤقت الممنوح لليابان في 9 يوليو، ما يعني أن الرسوم سترتفع من 10% إلى 24% على بعض السلع ما لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد.

في هذا السياق، أجرت الحكومة اليابانية أكثر من سبع جولات تفاوضية مع الجانب الأمريكي، وكان آخرها محادثتان عبر الهاتف بين كبير المفاوضين اليابانيين ريوسيه أكازاوا ووزير التجارة الأمريكي الجديد هوارد لوتنيك، دون نتائج ملموسة حتى الآن.

تداعيات اقتصادية خطيرة على قطاع السيارات الياباني

يُعتبر قطاع السيارات أحد أكثر القطاعات تضررًا من رسوم ترامب الجمركية. وتشير بيانات وزارة التجارة اليابانية إلى أن صادرات السيارات تمثل ما يقارب 18% من إجمالي صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة، والتي بلغت قيمتها نحو 142 مليار دولار في عام 2024.

وقد يؤدي رفع الرسوم إلى انخفاض تنافسية السيارات اليابانية في السوق الأمريكية، وبالتالي تراجع الأرباح وتجميد بعض الاستثمارات في مصانع التصدير. وقد أعلنت شركة تويوتا اليابانية أنها تدرس تقليص صادراتها إلى أمريكا بنسبة 15% في حال استمرار تطبيق الرسوم الجديدة.

في المقابل، تحذر جمعية مصنّعي السيارات اليابانيين من فقدان أكثر من 30 ألف وظيفة في القطاع خلال العامين المقبلين، إذا ما استمرت رسوم ترامب الجمركية على حالها، نظرًا لتقلص المبيعات وارتفاع تكاليف التشغيل.

موقف إدارة بايدن: التزام بالصمت أم مناورة تفاوضية؟

على الرغم من تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة خلفًا لترامب، إلا أن إدارته لم تقم بإلغاء رسوم ترامب الجمركية، بل اكتفت بإجراء مراجعات دورية دون إعلان نوايا واضحة. ويبدو أن البيت الأبيض يستخدم هذه الرسوم كورقة ضغط في المفاوضات التجارية مع الشركاء الدوليين.

ويرى محللون أن استمرار الإدارة الأمريكية في فرض هذه الرسوم يعكس رغبتها في الحفاظ على توازن اقتصادي داخلي في ظل تصاعد المنافسة الصينية، وعدم إثارة غضب المصنعين الأمريكيين قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ومع ذلك، تُعد اليابان شريكًا إستراتيجيًا للولايات المتحدة في آسيا، وهو ما يمنح طوكيو هامشًا من الأمل في تعديل أو تخفيف تلك الإجراءات، خاصة إذا ما أثبتت المفاوضات الحالية قدرتها على تقديم حلول وسط ترضي الطرفين.

أقرًا أيضًا: 5 وزراء يفتتحون فرع سلسة جملة ماركت بالمدينة التراثية بالعلمين الجديدة

الشركات المتأثرة: تويوتا، نيسان، سوبارو تحت الضغط

تويوتا، أكبر شركة تصنيع سيارات في اليابان، تواجه تحديات متزايدة جراء استمرار رسوم ترامب الجمركية. وتشير تقارير إلى أن الشركة قد تفقد ما يصل إلى 2.3 مليار دولار من أرباحها السنوية إذا تم تطبيق الرسوم الجديدة بالكامل.

أما نيسان فقد أعلنت بالفعل عن تقليص شحناتها إلى أمريكا بنسبة 10% منذ بداية العام الجاري، في حين تواجه سوبارو صعوبة في الحفاظ على حصتها السوقية في ولايات مثل كاليفورنيا وتكساس.

وقد تضطر هذه الشركات إلى نقل جزء من عملياتها الإنتاجية إلى داخل الولايات المتحدة لتجنب الرسوم، وهو ما سيكلفها استثمارات ضخمة تتجاوز 5 مليارات دولار بحسب تقديرات مجلة فوربس.

 خسائر متوقعة إذا لم يتم إلغاء الرسوم

الشركة اليابانيةالخسائر المقدرة بسبب الرسوم (مليار دولار)نسبة الانخفاض المتوقعة في الصادرات
تويوتا2.315%
نيسان1.110%
سوبارو0.68%

تشير هذه الأرقام إلى التأثير الكارثي الذي قد تُحدثه رسوم ترامب الجمركية على قطاع السيارات، أحد أبرز أعمدة الاقتصاد الياباني.

تأثير محتمل على العلاقات الجيوسياسية بين الدولتين

إلى جانب الأثر الاقتصادي، قد تؤدي رسوم ترامب الجمركية إلى توتر العلاقات الجيوسياسية بين اليابان وأمريكا، خصوصًا في وقت تُبنى فيه تحالفات آسيوية جديدة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد. وقد حذر محللون من أن تجاهل واشنطن لمطالب طوكيو قد يفتح المجال أمام تقارب اقتصادي بين اليابان وقوى أخرى مثل الاتحاد الأوروبي أو حتى الصين.

وتراقب أوساط الأمن القومي الأمريكي هذا الملف عن كثب، إذ أن أي ضعف في العلاقات الاقتصادية مع اليابان قد ينعكس سلبًا على التنسيق العسكري والسياسي، لاسيما في قضايا مثل بحر الصين الجنوبي وكوريا الشمالية.

السيناريوهات المتوقعة قبل 9 يوليو

مع اقتراب موعد انتهاء فترة الإعفاء في 9 يوليو، تشير التسريبات إلى أن طوكيو قد تُقدم مقترحات جديدة تتضمن تعهدات بشراء كميات أكبر من السلع الأمريكية، أو فتح قطاعات جديدة أمام الاستثمارات الأمريكية كجزء من صفقة لتخفيف أو إلغاء رسوم ترامب الجمركية.

من جهة أخرى، يحذر مراقبون من أن إدارة بايدن قد تستخدم الوقت المتبقي لفرض ضغوط إضافية، ما قد يدفع اليابان إلى التصعيد أو البحث عن تحالفات بديلة.

في النهاية

وفي جميع الأحوال، فإن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير العلاقات التجارية بين البلدين، ومستقبل واحدة من أقوى الصناعات التصديرية في العالم.

أقرًا أيضًا: قانون الإيجار الجديد يُطلق منصة الإسكان البديل.. هل تبدأ مرحلة الفرز؟

error: Content is protected !!