في الوقت الذي تتأرجح فيه الأوضاع السياسية في ليبيا بين مسارات الحل السلمي ومحاولات التدخل الخارجي، جاء لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالمستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، ليعيد التأكيد على أن مصر لا تزال تقف بثبات إلى جانب الشعب الليبي، في إطار رؤية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى دعم وحدة ليبيا واستقرارها. ويتساءل الكثيرون: هل يدعم السيسي وحدة ليبيا؟. الإجابة تبدو أكثر وضوحًا مع تأكيدات شخصيات مصرية بارزة مثل عياد رزق، بأن اللقاء الأخير ليس فقط تجديدًا للموقف المصري المعروف، بل هو أيضًا دفع قوي لمسار الحل السياسي.
مصر وليبيا: شراكة استراتيجية تتجاوز الحدود الجغرافية
منذ اندلاع الأزمة الليبية في 2011، لعبت مصر دورًا محوريًا في دعم المؤسسات الليبية الرسمية، خاصة مجلس النواب، باعتباره الممثل الشرعي للشعب الليبي. وتأتي تصريحات عياد رزق لتؤكد أن مصر، بقيادة الرئيس السيسي، لا ترى ليبيا فقط كجار جغرافي، بل كامتداد حيوي لأمنها القومي. هذا المفهوم يظهر في مبادرات القاهرة المتعددة، بداية من مؤتمر برلين، مرورًا بإعلان القاهرة عام 2020، وصولاً إلى دعم الجهود الأممية لإجراء الانتخابات الليبية.
وقد أكد السيسي خلال اللقاء أن خروج القوات الأجنبية من ليبيا هو شرط أساسي لاستعادة سيادة الدولة الليبية. ومن هنا، فإن يدعم السيسي وحدة ليبيا ليست مجرد عبارة بل سياسة قائمة تُنفذ بدقة، مدفوعة بإيمان القاهرة بضرورة تحقيق الاستقرار الكامل في الغرب والشرق والجنوب الليبي.
أقرًا أيضًا: قانون الإيجار الجديد يُطلق منصة الإسكان البديل.. هل تبدأ مرحلة الفرز؟
الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية: أين تقف مصر؟
تلعب أطراف دولية مثل الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، روسيا، وتركيا أدوارًا متباينة في ليبيا، بينما تتمسك مصر بموقفها الداعم لمخرجات الحوار الليبي – الليبي بعيدًا عن التدخلات العسكرية الأجنبية. ومؤخرًا، دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، إلى ضرورة تسريع التوافق بين الأطراف السياسية الليبية لإجراء الانتخابات، وهي نفس الدعوة التي وجهها السيسي خلال لقائه بعقيلة صالح.
وفي تقرير صادر عن معهد السلام الدولي (International Peace Institute) في يونيو 2025، تم الإشادة بدور مصر في تهدئة الأوضاع بين الفصائل المتنازعة في ليبيا، من خلال دعم مجلس النواب والجيش الوطني الليبي. وأكد التقرير أن “القاهرة لا تستخدم أدوات الضغط العسكري أو الاقتصادي، بل تعتمد على القوة الناعمة والمبادرات السياسية”، ما يعزز من واقع أن يدعم السيسي وحدة ليبيا بشكل يتسق مع القانون الدولي.
عقيلة صالح: شريك رئيسي في المسار السياسي
رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، يعد من أبرز الشخصيات الليبية التي تتوافق مواقفها مع الرؤية المصرية. ووفقًا لتصريحات صادرة عن مكتبه الإعلامي، فإن اللقاء مع الرئيس السيسي لم يقتصر على تبادل الرؤى، بل تناول خطوات عملية لتوحيد المؤسسات، وإنهاء الانقسام، وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات.
وأشار عقيلة إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة التي لم تنحاز لأي طرف مسلح، وأنها تتعامل مع الأزمة الليبية باعتبارها “قضية شعب وليست أزمة سلطة”. وهنا تبرز أهمية السؤال: هل يدعم السيسي وحدة ليبيا؟. والجواب يأتي من لسان عقيلة نفسه، الذي قال: “دعم السيسي للشعب الليبي لم يكن يومًا موضع شك، بل هو حجر الأساس في كل مبادرات الحل”.
إعادة إعمار ليبيا: خطة مصرية طموحة للتنمية
بعيدًا عن السياسة، فإن الجانب التنموي من العلاقات بين مصر وليبيا بدأ يأخذ حيزًا أكبر في الأجندة المشتركة. فمصر، التي نفذت أكبر عملية إعمار في تاريخها الحديث، عبر مشروعات البنية التحتية والعاصمة الإدارية الجديدة، تعرض الآن خبراتها على الدولة الليبية.
وأعلنت وزارة التعاون الدولي المصرية في بيان رسمي منتصف يونيو 2025، عن تشكيل لجنة مشتركة لبحث سبل مشاركة الشركات المصرية في مشروعات إعادة الإعمار في ليبيا، وخاصة في المناطق المتضررة مثل سرت وبنغازي. وتشمل الخطة مجالات البنية التحتية، الإسكان، الكهرباء، والنقل.
وهنا تتجلى مرة أخرى الرؤية الأوسع حين نقول: يدعم السيسي وحدة ليبيا، إذ أن مصر لا تكتفي بالدعم السياسي فقط، بل تسعى لتمكين الشعب الليبي اقتصاديًا وتنمويًا.
تباين وتوافقات حول الدور المصري
بحسب تقرير صادر عن صحيفة “The Guardian” البريطانية بتاريخ 3 يوليو 2025، فإن بريطانيا والولايات المتحدة باتتا أكثر إدراكًا لأهمية الدور المصري في ليبيا، خاصة في ظل فشل محاولات أوروبية منفردة لتحقيق تقدم في الملف الليبي. واعتبر التقرير أن القاهرة أصبحت “بوابة التوافق الليبي”.
في المقابل، لا تزال تركيا تحتفظ بموقف حذر من الدور المصري، رغم وجود محادثات تقارب بين الجانبين. وتُصر أنقرة على أن وجودها في الغرب الليبي مشروع بناءً على اتفاقيات موقعة مع حكومة الوفاق السابقة. غير أن القاهرة تعتبر هذا الوجود غير شرعي ما لم يتم التوافق عليه في إطار شامل يضم كل الأطراف.
ووفقًا لآخر تحديث من مركز “كارنيغي” للشرق الأوسط، فإن التنسيق المصري مع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بات أكثر فعالية، مما أوجد أرضية مشتركة لإطلاق مبادرة جديدة منتصف أغسطس المقبل تركز على دعم العملية الانتخابية.
جدول: مقارنة بين مواقف الدول المؤثرة في ليبيا (2025)
الدولة | الموقف من الأزمة الليبية | دعم الانتخابات | موقفها من القوات الأجنبية | العلاقة مع مصر |
---|---|---|---|---|
مصر | دعم مؤسسات الدولة والوحدة الوطنية | نعم | تطالب بالخروج الفوري | وثيقة واستراتيجية |
تركيا | دعم حكومة الغرب | مشروط | تعتبر وجودها شرعيًا | متوترة لكنها تتحسن |
روسيا | دعم الجيش الوطني | نعم | غير واضحة | تنسيقية ومرنة |
الولايات المتحدة | دعم الحل السياسي بقيادة أممية | نعم | تطالب بالخروج التدريجي | داعمة لدور مصر |
فرنسا | متذبذب | نعم | تطالب بخروج المرتزقة | غير مستقرة |
في النهاية
الإجابة على السؤال: هل يدعم السيسي وحدة ليبيا؟ أصبحت واضحة من خلال تطورات المشهد السياسي، وتأكيدات شخصيات بارزة مثل عياد رزق، والدعم الدولي المتزايد للرؤية المصرية. فمصر ليست مجرد وسيط، بل شريك حقيقي في مسار السلام الليبي، تبني فيه على الثقة، والخبرة، والروابط التاريخية. وإذا ما استمرت هذه الجهود بنفس الوتيرة، فإن ليبيا قد تكون أقرب من أي وقت مضى إلى استعادة سيادتها واستقرارها بمساعدة شقيقتها الكبرى، مصر.
أقرًا أيضًا: رسمياً.. سعر الدولار مقابل الجنيه السبت 5 يوليو 2025 يسجل مفاجأة بعد الهبوط الكبير!