في ظل تصاعد عمليات القبض على عدد من صناع المحتوى في مصر خلال أغسطس 2025، يظل موقف البرلمان محاطًا بالتساؤلات والغموض حول مستقبل تفعيل قانون تقنية المعلومات. وبحسب تصريحات النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، فقد تم ضبط عدد من البلوجرز بتهم تقديم محتوى خادش للحياء، وأُوعز بتطبيق العقوبات الرادعة المنصوص عليها، والتي قد تصل إلى السجن مدى الحياة. في هذا المقال نستعرض أحدث التطورات، والإحصاءات، والرؤى المتعلقة بتنظيم المحتوى الرقمي وموقف الدولة من حرية التعبير عبر الإنترنت.
الوضع القانوني الحالي في مصر بخصوص الجرائم الإلكترونية
قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر سنة 2018 يمثل الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها الدولة في مواجهة المحتوى الرقمي المخل بالقيم العامة. تنص عدة مواد في القانون على تجريم نشر محتوى يتعارض مع القيم الأسرية والاجتماعية، وتصل العقوبات إلى السجن المؤبد في بعض الحالات.
ورغم أن القانون جاء بهدف حماية الأمن الرقمي ومنع الابتزاز الإلكتروني والاختراقات، إلا أن نطاق تطبيقه اتسع ليشمل أيضًا محتوى الفيديوهات والمنشورات التي لا تتوافق مع التصور العام للمجتمع. ما يثير التساؤل حول المعايير المستخدمة لتقييم “المحتوى المخالف”.
تطورات القبض على صناع المحتوى في الأيام الأخيرة
خلال الأسبوع الأول من أغسطس 2025، تم توقيف سبعة من صناع المحتوى الذين ينشطون على منصات مثل تيك توك ويوتيوب، بتهم تتعلق بالمخالفات الأخلاقية ونشر محتوى خادش للحياء. وأكدت جهات رسمية أن هؤلاء المتهمين خالفوا القانون من خلال تقديمهم محتوى وصف بأنه “يتنافى مع القيم المجتمعية”.
وتتواصل حاليًا التحقيقات مع 11 شخصًا آخرين في قضايا مشابهة، في إطار خطة أوسع لتقنين المحتوى المنشور عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفرض رقابة صارمة على استخدام التقنيات الحديثة في البث المباشر والترويج للمحتوى الرقمي المربح.
اقرأ أيضًا: وزير الخارجية يؤكد استمرار إدخال المساعدات إلى غزة رغم التحديات البرية والجوية
موقف البرلمان والتصريحات الرسمية حول الإجراءات الأخيرة
رئيس لجنة الاتصالات صرح بأن هناك دعمًا واسعًا داخل البرلمان لتوجه وزارة الداخلية والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في ضبط المحتوى الرقمي. وقد طالب المجلس بوجود ممثل قانوني دائم داخل مصر لكل منصة رقمية دولية، لضمان التعامل المباشر مع المخالفات.
كما تم توجيه إنذارات رسمية للمنصات التي لا تقوم بحجب المحتوى الذي يتجاوز الأعراف المجتمعية، ضمن جهود واضحة نحو تفعيل قانون تقنية المعلومات بشكل أكثر صرامة وفاعلية. لكن حتى الآن، لم يُعلن عن أي تعديل قانوني جديد يوضح طبيعة المخالفات أو يحدد معايير الحكم على المحتوى المقدم.
الإحصائيات والواقع الرقمي في مصر خلال 2025
تزايد عدد البلاغات ضد صناع المحتوى الرقمي بشكل لافت خلال النصف الأول من 2025، خاصةً على منصات مثل تيك توك وفيسبوك ويوتيوب. وتشير التقديرات إلى أن عدد الحالات المرتبطة بنشر محتوى مخل ارتفع بنسبة 60% مقارنة بعام 2023، ما دفع الأجهزة الرقابية إلى التدخل بشكل مباشر ومتكرر.
جدول توضيحي لمعدل ضبط صناع المحتوى الرقمي في مصر حسب السنوات
السنة | عدد القضايا المسجلة | المنصة الأكثر استخدامًا | التهم الأساسية |
---|---|---|---|
2020 | 2 | تيك توك | محتوى غير لائق/مخالف للأعراف |
2023 | 5 | فيسبوك ويوتيوب | تحريض على العنف/إساءة استخدام المنصة |
2025 (حتى الآن) | 11 | تيك توك وإنستغرام | محتوى خادش للحياء/مكاسب مالية غير مشروعة |
تأثير التشريعات على حرية التعبير وصناع المحتوى الشباب
تشعر شريحة واسعة من صناع المحتوى في مصر بالقلق من توسع صلاحيات الرقابة، إذ يؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى فرض رقابة ذاتية شديدة خوفًا من الوقوع في الخطأ أو إساءة التقدير. وقد بدأ بعض المؤثرين في حذف مقاطعهم القديمة أو تجنب الحديث في مواضيع حساسة.
تزايد الإجراءات الرقابية يدفع بالساحة الرقمية نحو نمط من الانغلاق، يقل فيه الابتكار وتتراجع فيه حرية التعبير، ما يؤثر على فرص الشباب في بناء منصاتهم المستقلة وتحقيق دخل من محتواهم.
الرؤية المستقبلية وتنظيم المحتوى الرقمي في مصر
إذا استمرت الدولة في سياسة تفعيل قانون تقنية المعلومات دون وضع ضوابط واضحة ومعلنة، فقد يتسبب ذلك في تقييد غير مبرر للمحتوى الإبداعي. ولهذا تقترح جهات حقوقية وضع معايير دقيقة تحدد طبيعة المخالفات، ووضع آلية مراجعة محايدة لفحص البلاغات وتحديد مدى جديتها.
من الضروري أيضًا تدريب صناع المحتوى على القوانين المحلية والمخالفات الممكنة، لضمان إنتاج محتوى يتماشى مع القوانين دون الحاجة لفرض قيود مسبقة تعيق تطور الصناعة الرقمية.
ما زال موقف البرلمان من صناع المحتوى محاطًا بالغموض، في ظل تصاعد عمليات القبض والإجراءات القانونية المتخذة. وبينما تؤكد الدولة حرصها على حرية التعبير، فإن تطبيق تفعيل قانون تقنية المعلومات بشكل موسع يفتح الباب أمام تحديات قانونية ومجتمعية جديدة. المستقبل القريب سيحدد ما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي إلى تنظيم صحي للساحة الرقمية أو إلى قمع حرية التعبير والإبداع.
اقرأ أيضًا: بيراميدز يتحرك بشكل غير متوقع بشأن تمديد عقد محمود صابر وسط صمت رسمي