في خطوة غير متوقعة، أقرت الجمعية العمومية لاتحاد المهن الطبية يوم الجمعة 1 أغسطس 2025 رفع قيمة المعاشات إلى 2000 جنيه شهريًا، متجاوزة التوصية الاكتوارية التي نصت على رقم أقل عند 1700 جنيه. القرار أثار ضجة واسعة بين أعضاء الاتحاد والمستفيدين، مع توسع في المطالب بتعديل العلاقة بين الاتحاد ونقابة الصيادلة وتأكيد حقهم في انتخاب نقيبهم بحرية. هذه الخطوة تعكس توجهًا قويًا نحو زيادة المعاشات بمعايير أكثر عدالة، وتجسد تصعيدًا سياسيًا نحو دعم المهن الطبية في ظل تحديات اقتصادية وضغوط مهنية كبيرة.
السياق القانوني ووحدة النقابات: أساس اتخاذ قرار زيادة المعاشات
أُعلنت الموافقة على زيادة المعاشات خلال الجمعية العمومية العادية لاتحاد المهن الطبية بحضور 300 عضو يمثلون نقابات الأطباء البشريين، وأطباء الأسنان، والصيادلة، والبيطريين. علماً بأن رفع المعاشات إلى 2000 جنيه جاء بعد مناقشات مطوّلة تجاوز فيها الأعضاء التوصية الاكتوارية.
القرار تضمن أيضا مطالبات رسمية برفع الحراسة المفروضة على نقابة الصيادلة، والسماح لهم باختيار نقيبهم عبر المسارات القانونية والسياسية المعنية.
هذه الخطوة تمثل مطلبًا متزايدًا داخل الجسم المهني نحو زيادة المعاشات ومعالجة واقعية للمعاناة المهنية، كما ارتبطت بموضوع الثقة في الأداء الإداري للاتحاد وميزانيته التي تم تأجيل عرضها للجمعية العمومية القادمة.
لماذا ضغط الأعضاء ودفعهم للحصول على 2000 جنيه؟
وراء قرار زيادة المعاشات أهداف واضحة تعكس مطالب فعلية لأعضاء الاتحاد:
- أولاً، تراجع القوة الشرائية بسبب التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة، ما دفع النقابات إلى السعي لتحقيق تعديلات مباشرة على معاشاتهم.
- ثانيًا، وجود فجوة بين القيمة المقررة (1700 جنيه) والقيمة المُقترحة (2000 جنيه) أشعل النقاش حول جدوى تطبيق الدراسة الاكتوارية وحدودها العملية.
- ثالثًا، تساؤلات حول كفاءة استثمار أموال الاتحاد؛ خاصة النقاش المطروح حول تحويل جزء من الأموال إلى خارطة استثمار بديلة مقابل الاعتماد الكامل على ودائع مصرفية.
- أخيرًا، أن القرار يعكس رغبة الأعضاء في ضمان أن زيادة المعاشات تكون متساوية وعادلة ومحددة وفقًا لاحتياجاتهم الفعلية وليس توصيات نظرية فقط.
اقرأ أيضًا: كم وصلت أسعار الحديد والأسمنت اليوم 28 يوليو 2025؟ مفاجآت جديدة في الأسواق
إشارات غياب الشفافية تسبق اعتماد زيادة المعاشات
رغم اتخاذ الجمعية العمومية قرار زيادة المعاشات، فإنها رفضت اعتماد الميزانيات المعروضة عن عامي 2020 و2021، وهو ما يطرح علامات استفهام حول الشفافية المالية داخل الاتحاد.
الرفض جاء بالإجماع تقريبًا، مع المطالبة بإرجاء التصويت على الميزانية إلى أول جمعية عمومية مقبلة، وهو ما يعكس حالة من عدم الرضا عن أداء الجهاز المالي والإداري داخل الاتحاد.
هذه المفارقة بين الموافقة على رفع المعاش ورفض الميزانية، تثير تساؤلات عن مصادر تمويل زيادة المعاشات، وما إذا كان القرار قابلًا للاستمرار على المدى البعيد دون إحداث عجز مستقبلي.
يشير ذلك إلى وجود قلق مشروع من قبل أعضاء الاتحاد حول استدامة القرار، خاصة في ظل وجود مطالب بإعادة النظر في آليات إدارة أموال النقابات واستثمارها.
توافق سياسي أم مكاسب مرحلية؟
لم تكن الموافقة على زيادة المعاشات وليدة لحظة عاطفية داخل الجمعية، بل جاءت بعد تنسيق عالٍ بين ممثلي النقابات الأربع داخل الاتحاد. نقابة الأطباء كانت الداعمة الأساسية للقرار، بينما ضغطت نقابة الصيادلة بقوة لربطه بملف الحراسة والتمثيل النقابي الكامل.
نقابة أطباء الأسنان أبدت تحفظات جزئية على التوقيت لكنها وافقت في النهاية، أما البيطريون فأكدوا أن القرار يعكس استجابة حقيقية لحالة التدهور المعيشي التي تطال كافة أعضاء النقابات الطبية دون استثناء.
تشير هذه المواقف إلى أن القرار لا يحمل فقط بُعدًا ماليًا، بل يتقاطع مع إعادة تنظيم المشهد النقابي وتأكيد استقلالية قرارات النقابات تحت مظلة الاتحاد.
وقد دعا بعض الأعضاء إلى عقد جمعية عمومية استثنائية كل ستة أشهر لمراجعة مدى التزام المجلس التنفيذي بتنفيذ القرار وضمان استمرار زيادة المعاشات دون تراجع مفاجئ.
تأثير الزيادة على المستفيدين ومستقبل صندوق الاتحاد
العنصر | قبل الزيادة | بعد الزيادة | ملاحظات |
---|---|---|---|
المعاش الشهري الأساسي | 1200 جنيه | 2000 جنيه | زيادة بنسبة 66.6% |
الحد الأدنى المتوقع للاشتراك | 60 جنيه | 90 جنيه | نسبة متوقعة لتأمين الاستدامة |
عدد المستفيدين حالياً | 88,000 عضو | ~88,000 عضو | دون تغير في عدد المستحقين |
عبء شهري على الصندوق | 105.6 مليون جنيه | 176 مليون جنيه | يتطلب إدارة رشيدة للأموال |
هذه البيانات تُظهر أن زيادة المعاشات ستكون عبئًا واضحًا على صندوق الاتحاد، ما يفرض ضرورة ترشيد الإنفاق وتعزيز الاستثمار الآمن، وإجراء دراسة اكتوارية سنوية بدلاً من كل ثلاث سنوات.
هل تستمر الزيادة أم تواجه خطر الإلغاء؟
بين حماسة القرار، والتحديات المالية التي تحيط به، تقف زيادة المعاشات على مفترق طرق حرج.
التوصيات الصادرة من أعضاء اللجنة المالية بالاتحاد تركزت على:
- تشكيل لجنة رقابة مالية مستقلة لمتابعة أثر الزيادة.
- إصدار تقرير ربع سنوي يوضح العجز أو الفائض المالي المتوقع.
- إعادة النظر في توزيع الاستثمارات مع توجيه نسبة لا تتجاوز 25% لمشاريع تنموية مستقرة.
- تشجيع زيادة الاشتراكات الشهرية الطوعية من الأعضاء غير المتقاعدين لتأمين موارد إضافية.
أما التحذيرات فتتركز حول احتمالية سحب القرار أو تقليص قيمته في حال لم تتم إدارة الأموال بدقة. حيث يتوقع بعض المحللين أن تتصاعد الأزمة مع نهاية العام المالي الحالي، ما لم يتم إيجاد موارد غير تقليدية لتعويض فارق الزيادة.
تأتي زيادة المعاشات التي أقرّها اتحاد المهن الطبية كخطوة استثنائية تستجيب لضغوط اجتماعية واقتصادية طال انتظارها. لكنها ليست نهاية الطريق، بل بداية لمسار طويل من الإصلاح النقابي والمالي داخل مؤسسات المهن الطبية.
الكرة الآن في ملعب القيادات التنفيذية للاتحاد لضمان تنفيذ القرار دون انتكاسات أو تراجع، وسط متابعة دقيقة من آلاف المستفيدين الذين ينظرون إلى 2000 جنيه كرمز للكرامة النقابية، وليس مجرد رقم جديد في دفتر المعاشات.
اقرأ أيضًا: سعر الذهب اليوم 31 يوليو.. هبوط عالمي ومحلي يُسقط عيار 21 إلى 4,525 جنيهًا ويهز الأسواق