مع بداية موجات الحر القاسية التي تشهدها مصر خلال فصل الصيف، يتجدد قلق المواطنين بشأن تكرار ظاهرة قطع الكهرباء، خصوصًا مع الذروة المتوقعة في استهلاك الطاقة. في هذا السياق، أعلنت الحكومة المصرية عن خطة متكاملة تهدف إلى تقليل قطع الكهرباء قدر الإمكان، وذلك من خلال إجراءات استراتيجية تجمع بين تأمين الوقود، تطوير البنية التحتية، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. هذا المقال يقدم نظرة معمقة وحديثة على تفاصيل هذه الخطة، ويقارن بين الوضع الحالي ومواسم سابقة، في محاولة للإجابة عن التساؤل الأهم: هل ستنجح الخطة الحكومية في إنهاء معاناة قطع الكهرباء خلال صيف 2025؟
خطة الحكومة لمواجهة ذروة استهلاك الكهرباء
تسعى الحكومة إلى تطبيق استراتيجية متكاملة لمواجهة أحمال الصيف الثقيلة، والتي غالبًا ما تؤدي إلى قطع الكهرباء. وتشمل الخطة عدة محاور رئيسية:
- تأمين إمدادات الغاز الطبيعي: بالتعاون مع وزارة البترول، يتم ضمان توفير الوقود لمحطات الكهرباء، سواء من الإنتاج المحلي أو من خلال التعاقدات الدولية لاستيراد الغاز المسال.
- صيانة المحطات الكهربائية: أجرت وزارة الكهرباء عمليات صيانة شاملة ورفع كفاءة لعشرات المحطات، خاصة في مناطق الضغط العالي مثل القاهرة الكبرى والدلتا.
- تفعيل الطاقة المتجددة: جرى إدخال محطات طاقة شمسية ورياح جديدة إلى الخدمة، ضمن توجه الحكومة نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
- تنسيق بين الوزارات: تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم ممثلين عن وزارات الكهرباء والبترول والمالية لمتابعة تنفيذ الخطة لحظة بلحظة.
حسب آخر التقارير، تم تأمين 93% من احتياجات الوقود حتى نهاية أغسطس 2025، مما يقلل احتمالات قطع الكهرباء المفاجئ.
تأثير خطة الطاقة على تحسين الخدمة
تعتمد الحكومة بشكل كبير على رفع كفاءة الإنتاج لتحسين الخدمة للمواطنين وتقليل قطع الكهرباء. وتظهر مؤشرات الأداء خلال يونيو ويوليو 2025 تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالعام الماضي:
الشهر | نسبة الأعطال اليومية | مدة الانقطاع في اليوم (متوسط) |
---|---|---|
يوليو 2024 | 17% | 3.1 ساعة |
يوليو 2025 | 7% | 1.2 ساعة |
وذلك بعد إدخال 5 محطات طاقة شمسية جديدة للخدمة في أسوان والمنيا، وتحديث 12 وحدة توليد حراري.
كما تعمل الوزارة على نشر أجهزة قراءة ذكية للتعرف على الأحمال الزائدة وتوزيعها بشكل أكثر كفاءة، ما يساعد في تقليل قطع الكهرباء.
التحديات الاقتصادية والتمويل
تمثل أزمة التمويل أحد أبرز التحديات التي تواجه تنفيذ خطة تقليل قطع الكهرباء. فقد بلغت مديونيات وزارة الكهرباء نحو 58 مليار جنيه لصالح وزارة البترول حتى بداية 2025.
ورغم التحديات، وقعت وزارة المالية على اتفاقية لضمان سداد مستحقات الوقود على دفعات مجدولة، مما يضمن استمرار تدفق الغاز الطبيعي دون انقطاع.
كما تم تخصيص 3.2 مليار جنيه من الموازنة العامة لدعم مشاريع الطاقة المتجددة في صعيد مصر.
وقد أكد البنك الدولي، في تقريره الأخير، أن الإجراءات المصرية في تمويل قطاع الطاقة تُعد “خطوة متقدمة ضمن الاقتصادات الناشئة”، ما يزيد من الثقة في تقليل احتمالات قطع الكهرباء.
أقرًا أيضًأ: كم وصل سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 بختام تعاملات الصاغة؟
دور المواطن في تقليل الأحمال
لا تقتصر مسؤولية تقليل قطع الكهرباء على الحكومة فحسب، بل للمواطن دور فعال في هذا المسار. وتشمل إجراءات التوعية التي أطلقتها وزارة الكهرباء:
- ترشيد استهلاك الكهرباء في ساعات الذروة (12 ظهرًا – 5 مساءً)
- استخدام أجهزة تبريد موفرة للطاقة
- إطفاء الأجهزة غير الضرورية ليلاً
وقد أطلقت الوزارة تطبيقًا إلكترونيًا حديثًا يُمكن المواطنين من متابعة استهلاكهم اليومي واقتراح بدائل للتقليل منه.
بلغ عدد التنزيلات للتطبيق أكثر من 1.3 مليون تحميل خلال شهر واحد فقط، وهو ما يعكس وعيًا مجتمعيًا متزايدًا تجاه قطع الكهرباء.
الشركاء الدوليون والطاقة المتجددة
من أبرز محاور الخطة التعاون الدولي في مجال الطاقة، حيث وقّعت مصر اتفاقيات مع شركات ألمانية وصينية لبناء محطات طاقة هجينة (رياح وشمس).
- شركة Siemens Energy تنفذ مشروع محطة طاقة شمسية بقدرة 500 ميجاوات في الواحات البحرية.
- تعاون مع Huawei لبناء شبكة ذكية تتحكم في توزيع الكهرباء وتقليل احتمالات قطع الكهرباء في المناطق العشوائية.
هذه المشاريع يتوقع أن تبدأ في إنتاج الطاقة فعليًا خلال الربع الأخير من 2025، ما سيساهم في دعم الشبكة القومية.
توقعات الصيف الحالي هل نجحت الخطة؟
رغم درجات الحرارة القياسية التي تخطت 43 درجة في بعض المناطق، إلا أن معدلات قطع الكهرباء خلال الأسبوع الثاني من يوليو 2025 انخفضت بنسبة 62% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
المؤشرات المبدئية تشير إلى:
- زيادة استقرار الشبكة: لم تسجل انقطاعات جماعية حتى الآن.
- تحسن الدعم اللوجستي: سرعة وصول الوقود البديل ساهمت في منع التوقف المفاجئ للمحطات.
- فعالية توزيع الأحمال: أدى لتقليل الضغط على بعض الخطوط المتهالكة.
ووفقًا لتصريحات وزارة الكهرباء يوم 13 يوليو 2025، فإن الوضع “مطمئن حتى الآن”، مع استعدادات إضافية للأيام الأشد حرارة.
في النهاية
تُظهر المؤشرات الحالية أن خطة الحكومة المصرية نجحت بشكل كبير في تقليل قطع الكهرباء خلال فصل الصيف، على الرغم من استمرار بعض التحديات التمويلية والتقنية. ويبقى النجاح الكامل مرهونًا باستمرار التنسيق بين الوزارات، والاعتماد المتزايد على الطاقة المتجددة، وتعاون المواطنين في ترشيد الاستهلاك.
هل يشهد صيف 2025 نهاية أزمة قطع الكهرباء؟ الأيام المقبلة وحدها تحمل الإجابة، لكن المؤشرات حتى الآن تمنح بارقة أمل حقيقية.
أقرًا أيضًا: الإيجار القديم يتغيّر جذريًا.. إنشاء صندوق تمويل فارق أسعار الإسكان البديل يقلب المعادلة