في مناسبة إنسانية وثقافية جمعت بين الدبلوماسية والرؤية الاجتماعية، نظّمت السفارة التركية بالقاهرة احتفالًا بمناسبة اليوم العالمي للأسرة، بمشاركة عدد من السفراء الأجانب، وشخصيات مصرية مرموقة، تأكيدًا على أهمية القيم العائلية في بناء المجتمعات. وفي كلمته بالمناسبة، السفير التركي يشيد بدور مصر لتعزيز مؤسسة الأسرة، معتبرًا أن التعاون المجتمعي أحد أهم ركائز الاستقرار الوطني.
الفعالية شهدت تفاعلًا لافتًا من الحضور، وتم خلالها عرض مرئي من وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية حول بنية الأسرة، في ظل ما وصفه المسؤولون بـ”التحديات المعاصرة للأسرة الحديثة”، والتي باتت تتطلب تدخلًا ممنهجًا ومؤسسيًا.
رؤية تركيا لعام الأسرة 2025
أوضح السفير صالح موطلو شن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن عام 2025 عامًا للأسرة، ضمن خطة استراتيجية لتعزيز القيم العائلية، وزيادة وعي المجتمع التركي بدور الأسرة في الاستقرار النفسي والاجتماعي والثقافي.
وتشمل المبادرة برامج دعم لزواج الشباب، وسياسات تشجيعية لتكوين أسر مستقرة، إضافة إلى أنشطة توعوية في المدارس والجامعات. ويعكس هذا التوجه التزامًا سياسيًا وثقافيًا من الدولة التركية بأهمية تعزيز القيم المجتمعية الأصيلة.
وفي هذا الإطار، أوضح السفير أن تركيا تعوّل على الأسرة باعتبارها مركز نقل الثقافة والهوية، وهو ما يجعلها وحدة حضارية لا تقتصر على العلاقات البيولوجية، بل تتجاوزها إلى حفظ اللغة والعادات والتقاليد.
إشادة مباشرة بالدور المصري في حماية الأسرة
خلال كلمته الرسمية، السفير التركي يشيد بدور مصر في ملف دعم الأسرة، مؤكدًا أن القاهرة تبذل جهودًا ملموسة في مجالات عدة لحماية هذا الكيان الحيوي، سواء من خلال مبادرات الدولة أو منظمات المجتمع المدني.
وأشار إلى الحملات المصرية التي تستهدف التوعية الصحية والنفسية للأمهات والأطفال، إضافة إلى برامج تنظيم الأسرة ودعم تمكين المرأة، والتي تُمثل كلها مكونات متكاملة لبناء أسرة قوية.
وتأتي هذه الإشادة في وقت تتزايد فيه التحديات الاجتماعية على المستويين الإقليمي والدولي، مما يجعل من التكاتف بين الدول ضرورة للتصدي للمتغيرات التي تهدد استقرار الأسر التقليدية.
البعد الثقافي للعلاقات المصرية التركية في ضوء ملف الأسرة
من منظور العلاقات الثنائية، يُعد ملف الأسرة أحد النقاط المشتركة ثقافيًا بين مصر وتركيا، حيث تنبعث من كلا المجتمعين قيم تقليدية مشتركة ترتكز على الترابط الأسري والاحترام المتبادل بين الأجيال.
السفير التركي يشيد بدور مصر أيضًا في الحفاظ على هذا الإرث الاجتماعي، مؤكدًا أن مصر من الدول القليلة في المنطقة التي ما زالت تحتفظ ببنية أسرية متماسكة رغم التغيرات المتسارعة في نمط الحياة.
ويدعو ذلك إلى تفعيل التعاون الثقافي بين البلدين في مجالات الدراما، والتربية، والإعلام الأسري، لتبادل الخبرات في كيفية معالجة التحديات التي تواجه الأسرة العربية والإسلامية في عصر الرقمنة والحداثة.
الأسرة في الدستور والسياسات المصرية
لا تقتصر جهود مصر لتعزيز الأسرة على المبادرات الاجتماعية، بل تمتد إلى الجانب التشريعي. فقد تضمّن دستور 2014 نصوصًا مباشرة تنص على حماية كيان الأسرة المصرية، وضمان تماسكها، وتوفير المأوى والحماية القانونية للأم والطفل.
كما تبنّت الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للنهوض بالأسرة، تشمل قوانين مكافحة زواج القاصرات، وبرامج توعية في المدارس، ومبادرات لتأهيل المقبلين على الزواج، فضلًا عن دعم الأسر المعيلة والمناطق الأكثر احتياجًا.
هذه الجهود دفعت السفير التركي يشيد بدور مصر إلى أن يُثمّن هذه السياسات بوصفها نموذجًا جديرًا بالتكرار في محيط الدول النامية.
اليوم العالمي للأسرة كمنصة للتعاون الدولي
منذ إعلان الأمم المتحدة في 1993 يوم 15 مايو يومًا عالميًا للأسرة، باتت هذه المناسبة محطة لتقويم السياسات الاجتماعية ومناقشة التحديات العالمية، من تفكك العلاقات الأسرية، إلى صعوبات التوازن بين العمل والحياة.
وفي السياق نفسه، جاءت مشاركة مصر وتركيا في هذه الفعالية بالقاهرة لتُبرز مدى التلاقي في الرؤية بين البلدين حول مركزية الأسرة كمؤسسة جوهرية.
السفير التركي يشيد بدور مصر في الاستفادة من هذه المناسبات لتوسيع دوائر الحوار المجتمعي وتغذية السياسات العامة بخبرات وتجارب متنوعة.
تجارب دولية ناجحة في دعم الأسرة
تشير التجارب العالمية إلى أهمية تبني استراتيجيات وطنية متكاملة لحماية كيان الأسرة وتفعيل دورها في التنمية المستدامة. ففي فنلندا مثلًا، يُعتبر دعم الأسرة سياسة مركزية في النظام الاجتماعي، حيث توفر الحكومة مزايا سخية مثل إجازات الأمومة المدفوعة، وخدمات الحضانة المدعومة، والمساعدات النقدية للأسر ذات الدخل المحدود.
وفي سنغافورة، تندمج سياسة تشجيع الإنجاب في السياسات السكانية، عبر تقديم حوافز ضريبية ومنح مالية للآباء الجدد، وبرامج استشارية مكثفة قبل الزواج. كما أطلقت اليابان مبادرات رقمية لربط الأسر بالمنصات الحكومية لتسهيل الدعم الاجتماعي والنفسي.
هذه النماذج تعكس أهمية المعالجة المؤسسية لقضايا الأسرة، وتبيّن كيف يمكن للدولة أن توازن بين التطور الاقتصادي والحفاظ على النسيج الاجتماعي، وهو ما أشار إليه بوضوح السفير التركي في كلمته بالقاهرة عندما قال: “السفير التركي يشيد بدور مصر لأنها تطبق نهجًا شاملًا يربط بين التنمية والدعم الأسري.”
التعاون المصري التركي في مجال السياسات الأسرية
في ضوء التقدير المتبادل بين البلدين، بات من الممكن تطوير شراكة حقيقية في مجال دعم الأسرة، تتضمن تبادل الخبرات، وتنسيق المبادرات الاجتماعية، وتنظيم منتديات علمية وثقافية حول التحديات المشتركة.
وتحمل هذه الرؤية بُعدًا استراتيجيًا، خاصة مع مشاركة مؤسسات مثل وزارة التضامن الاجتماعي في مصر، ووزارة الأسرة التركية، في مؤتمرات دولية كبرى. ويُنتظر أن يكون هناك تنسيق لمبادرات مشتركة مستقبلية، خصوصًا في مجالات تمكين المرأة، وتطوير التعليم الأسري، ودعم الأسر متعدّدة الأجيال.
وقد أشار السفير التركي يشيد بدور مصر على نحوٍ صريح في تعزيز هذا التعاون، قائلًا إن الشراكة المجتمعية بين الشعوب ترتقي بالسياسات لتصبح إنسانية لا سياسية، وهو أساس الاستقرار.
أبرز برامج دعم الأسرة في مصر وتركيا
المجال | مصر | تركيا |
---|---|---|
الزواج المبكر | برامج توعية ومبادرات مجتمعية | قانون صارم وحد أدنى للزواج |
تمكين المرأة | دعم رائدات الأعمال – قروض صغيرة | دعم الموازنة المنزلية – حوافز للمرأة العاملة |
الحماية الاجتماعية | برنامج تكافل وكرامة – دعم نقدي مشروط | دعم نقدي للأسرة – خدمات حضانة مدعومة |
الصحة الأسرية | وحدات تنظيم الأسرة – حملات توعية مستمرة | مراكز استشارية مجانية وبرامج تأهيلية |
التعليم الأسري | منهج التربية الأسرية في بعض المدارس | دورات الزامية للمتزوجين الجدد |
الجدول يعكس التشابه في الروح العامة لكلا البلدين، وإن اختلفت الوسائل، ما يؤكد أن التعاون سيكون مثمرًا إذا وُجه نحو الاحتياجات المحلية لكل مجتمع.
التحديات المعاصرة للأسرة ودور الإعلام
في ظل الثورة الرقمية والانفتاح الثقافي، تواجه الأسرة المعاصرة تحديات متزايدة مثل تفكك العلاقات، وتأثير المحتوى الرقمي السلبي، وضعف الرقابة على القيم السائدة في وسائل الإعلام.
ويؤكد خبراء العلاقات الاجتماعية أن المواجهة تبدأ من داخل الأسرة، لكنها تحتاج أيضًا إلى إعلام مسؤول يقدّم محتوى إيجابيًا يحمي الطفل والمراهق ويغذي التماسك الأسري.
وقد أشار السفير التركي يشيد بدور مصر في دعم الإعلام الهادف من خلال البرامج الاجتماعية، واعتبر أن مصر لديها بنية إعلامية قوية يمكن أن تلعب دورًا رياديًا في توجيه الرسائل الأسرية الواعية.
دعوة نحو استراتيجية أسرية إقليمية موحدة
مع تصاعد الأزمات في المنطقة، بات من الضروري أن تتبنى الدول العربية والإسلامية، ومنها مصر وتركيا، رؤية استراتيجية موحدة لدعم الأسرة، تتضمن ميثاقًا أخلاقيًا مشتركًا يراعي الهوية والقيم، مع إطلاق منصات تعاون إقليمي تربط وزارات الأسرة والمرأة والتعليم في الدول الأعضاء.
مثل هذا المشروع يمكن أن يكون تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، أو كجزء من جهود الجامعة العربية في المجال الاجتماعي، بما يحقق تكاملًا في السياسات ويواجه التحديات العابرة للحدود مثل الهجرة، والفقر الأسري، والتغير الثقافي.
السفير التركي يشيد بدور مصر في دفع هذه الرؤية إلى الأمام، عبر تحركاتها الإقليمية وقدرتها على توحيد المواقف تجاه القضايا الاجتماعية.
خاتمة: الأسرة هي مستقبل الأمم
إن الاحتفاء بالأسرة ليس مناسبة سنوية، بل التزام دائم من الحكومات والمجتمعات تجاه كيانها الأهم. ومن خلال الخطاب الإيجابي الذي حمله السفير صالح موطلو شن، بات واضحًا أن السفير التركي يشيد بدور مصر ليس فقط من باب المجاملة الدبلوماسية، بل لإيمانه الحقيقي بوجود أرضية مشتركة صلبة يمكن البناء عليها.
وفي عالم متغير وسريع، تبقى الأسرة حصنًا للأمن النفسي، ومنبعًا للقيم، ورافعة للتنمية. والتعاون المصري التركي في هذا الملف، قد يشكل نموذجًا عالميًا لشراكة تتجاوز السياسة نحو الإنسانية.
اقرأ ايضاً: سعر الدولار السبت 17 مايو 2025 يسجل مفاجأة جديدة في البنوك بعد موجة تراجع ملحوظة