مفاجآت عاجلة من مدبولي بشأن الإيجار القديم

في خطوة وصفت بالمفصلية، أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تعليماته العاجلة للمحافظين بالبدء الفوري في تشكيل لجان الحصر المختصة لتطبيق قانون الإيجار القديم، بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 164 لسنة 2025. وتستهدف هذه التحركات إعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ومعالجة التشوهات المزمنة في منظومة الإيجارات القديمة التي استمرت لعقود طويلة دون تدخل جذري.

الإطار التشريعي لقانون الإيجار القديم

القانون الجديد يُعد نقلة نوعية تهدف إلى إعادة التوازن لعقود الإيجار السكني القديمة، حيث تم النص فيه على تشكيل لجان متخصصة لحصر وتقييم العقارات التي تخضع لنظام الإيجار القديم، على أن يتم تصنيف المناطق إلى فئات وفقاً لمستوى الخدمات، والموقع الجغرافي، والحالة العامة للعقار.
يهدف القانون إلى تحقيق العدالة في العلاقة الإيجارية، حيث تتماشى قيمة الإيجار مع الوضع الحقيقي للعقار، دون الإخلال بحقوق المستأجرين القدامى أو المساس بالأمن السكني.

اللجان التنفيذية ومهام الحصر

كل محافظ في جمهورية مصر العربية مُكلّف بإصدار قرار رسمي بتشكيل لجنة أو أكثر داخل محافظته. وتتكون هذه اللجان من عناصر فنية وقانونية، بالإضافة إلى ممثلين من وزارات الإسكان، والضرائب العقارية، والمساحة، وذلك لضمان دقة التقييم وسلامة الإجراءات.
وتبدأ هذه اللجان أعمالها على الفور، على أن تنتهي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ بدء تنفيذ القانون. وستقوم اللجان بتحديد الفئة السكنية لكل منطقة، وتحديد الحد الأدنى لقيمة الإيجار التي ستُطبق تدريجياً خلال فترة انتقالية مدتها 7 سنوات.

إعادة تقييم العلاقة الإيجارية وتطبيق تدريجي للإيجارات

بموجب التقييمات الجديدة التي تُعدها لجان الحصر، سيتم تصنيف العقارات السكنية إلى ثلاث فئات:

1. مناطق متميزة
2. مناطق متوسطة
3. مناطق اقتصادية
   وبناء على هذا التصنيف، سيتم تحديد قيمة الإيجار الشهرية بما يتناسب مع خصائص كل فئة، مع وضع حد أدنى موحّد كمرحلة انتقالية يتم تطبيقه على جميع المستأجرين الخاضعين لقانون الإيجار القديم.

كما يتضمن القانون الجديد إلزام المستأجر بتقديم إقرار قانوني بصحة بيانات الوحدة السكنية المؤجرة، مع تحميله المسؤولية القانونية في حال الإخفاء أو التلاعب، بما يضمن الشفافية والنزاهة في التطبيق.

أراضٍ جاهزة لمشروعات بديلة للمستأجرين القدامى

بالتوازي مع الإجراءات التنظيمية، كشفت وزارة التنمية المحلية أن هناك ما يزيد على 1,298 قطعة أرض داخل الأحوزة العمرانية بالمحافظات، تم تخصيصها لإنشاء مشروعاتالإسكان البديل للمستأجرين ضمن منظومة الإيجار القديم. وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الأراضي نحو 61.2 مليون متر مربع، تمهيداً لتسليمها إلى وزارة الإسكان لبدء تنفيذ المشروعات.
تهدف هذه المشروعات إلى تقديم بدائل سكنية مناسبة للمستأجرين في المناطق التي قد يشملها إعادة التقييم والخروج من نظام الإيجار القديم تدريجياً، لضمان عدم التشريد أو الإضرار الاجتماعي.

مقارنة بين الوضع الحالي والمستقبلي لعقود الإيجار

انعكاسات مستقبلية على سوق العقارات

تطبيق قانون الإيجار القديم بهذه الصيغة سيحدث تحولًا حقيقيًا في سوق العقارات المصري. من المتوقع أن ترتفع قيمة الإيجارات في المناطق المتميزة تدريجيًا، بينما تظل في نطاق معتدل في المناطق المتوسطة والاقتصادية، ما يحفظ حقوق جميع الأطراف.
كما يُتوقع أن يؤدي هذا إلى إنعاش سوق المقاولات والإسكان من خلال ضخ المزيد من المشروعات السكنية الجديدة التي تستوعب الفئات المتأثرة بالإخلاء التدريجي.

وبالإضافة لذلك، فإن التنظيم المتوقع في سوق الإيجار يعزز من جاذبية الاستثمار العقاري المحلي والأجنبي، ويقلل من النزاعات القضائية الناتجة عن عقود الإيجار القديمة، التي طالما أثارت خلافات قانونية واجتماعية معقّدة.

قرار تشكيل لجان الحصر لتنفيذ قانون الإيجار القديم يمثل نقطة تحوّل طال انتظارها في مسيرة الإصلاح العمراني والاجتماعي في مصر. وبينما تتّجه الدولة لتطبيق تصنيف عادل للمناطق، وتحديد قيمة إيجارية واقعية، فإنها تضع في حسبانها أيضاً أبعاد العدالة الاجتماعية عبر توفير بدائل سكنية للمستأجرين.
يُنتظر أن يشهد الشارع المصري خلال الأشهر المقبلة تحركات حقيقية وميدانية من جانب المحافظين، بما يُعيد صياغة العلاقة بين المواطن والدولة في ملف الإيجارات، ويجعل القانون الجديد علامة فارقة في تطوير العمران المصري.

اقرأ أيضًا: سعر الدولار السبت 16 أغسطس 2025 أمام الجنيه والعملات الأخرى يشهد مفاجآت قوية