شهدت أسواق الثروة الداجنة في مصر تراجعًا تاريخيًا في أسعار الكتاكيت، حيث انخفض سعر كتكوت التسمين من 55 جنيهًا إلى 10 جنيهات فقط خلال شهر واحد، مسجلاً تراجعًا بنسبة تتجاوز 82%. هذا الانهيار السعري المفاجئ يعكس اضطرابًا حادًا في السوق، ويثير مخاوف كبيرة من أزمة مرتقبة في إنتاج الدواجن خلال الأشهر المقبلة.
عزوف المنتجين ومخاوف من الخسائر تدفع الأسعار للهبوط
يرجع هذا الانخفاض الحاد في أسعار الكتاكيت إلى تراجع الطلب من جانب المنتجين، الذين فضّل كثير منهم تقليص الإنتاج أو التوقف المؤقت عن دخول دورات تربية جديدة، نتيجة الخسائر المالية المتراكمة. ويأتي هذا القرار بعد فترة طويلة من استقرار أسعار الدواجن عند مستويات تقل عن تكلفة الإنتاج، ما أدى إلى خروج عدد كبير من المربين من السوق، خاصة مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
أغلب المزارع العاملة في مصر تعتمد على النظام المفتوح، ما يجعلها أكثر عرضة لموجات الحر وتأثيراتها السلبية على معدلات النفوق بين الكتاكيت. هذه المخاوف دفعت كثيرًا من أصحاب المزارع إلى التوقف المؤقت عن الإنتاج، تحسبًا لتكبد المزيد من الخسائر.
فائض إنتاج وغياب تصريف محلي يزيد من الضغوط
من جهة أخرى، ساهم ارتفاع الطاقات الإنتاجية لشركات الجدود والأمهات خلال الشهور الماضية في زيادة المعروض من الكتاكيت بشكل يفوق حجم الطلب، مما خلق حالة من التشبع في السوق المحلي، في ظل غياب قنوات تصديرية فعّالة تستوعب هذا الفائض.
العودة القوية للإنتاج بعد فترة من التراجع أدت إلى وفرة كبيرة في الكتاكيت وبيض التفريخ، بالتزامن مع حالة الركود السائدة في السوق، ما تسبب في هبوط الأسعار إلى هذا المستوى غير المسبوق.
اقرأ أيضًا: انخفاض زراعة القطن في مصر بنسبة 39% يهدد مستقبل الذهب الأبيض في مصر
تحذيرات من أزمة داجنة في أغسطس المقبل
رغم الانخفاض الحالي في أسعار الكتاكيت، يحذر العاملون في القطاع من أزمة متوقعة في المعروض من الدواجن خلال أغسطس المقبل. ويرجع ذلك إلى توقعات بارتفاع معدلات النفوق بين الكتاكيت نتيجة درجات الحرارة المرتفعة، إلى جانب قلة أعداد المزارع العاملة فعليًا خلال هذه الفترة.
وفي حال حدوث تراجع حاد في حجم المعروض، فمن المرجح أن ترتفع أسعار الدواجن بشكل مفاجئ، ما ينعكس سلبًا على المستهلكين الذين لا يشعرون حاليًا بانخفاض أسعار الكتاكيت، بسبب عدم انتقال هذا التراجع إلى سعر البيع النهائي.
تعدد الوسطاء يحرم المستهلك من الاستفادة
يؤكد المهتمون بالقطاع أن أحد أبرز الأسباب التي تحول دون وصول انخفاض أسعار الكتاكيت إلى المستهلك، هو تعدد الحلقات الوسيطة بين المزرعة ونقطة البيع. حيث يباع كيلو الدواجن من المزرعة بسعر 60 إلى 63 جنيهًا، بينما يصل إلى المستهلك بنحو 80 جنيهًا، ما يشير إلى هوامش ربح مبالغ فيها على طول سلسلة التوزيع.
ويطالب المنتجون بضرورة تفعيل القوانين المنظمة لتداول الدواجن، وعلى رأسها منع بيع الدواجن الحية في الأسواق، من أجل تقليص عدد الوسطاء، وضمان وصول المنتج للمستهلك بسعر عادل.
دعوات لتنشيط التصدير وإنشاء احتياطي استراتيجي
في ظل حالة الفائض التي يشهدها السوق المحلي من الكتاكيت والدواجن، تتعالى المطالب بفتح باب التصدير للأسواق الخارجية، خاصة في الدول الأفريقية، التي يمكن أن تمثل منفذًا هامًا لتصريف الكميات الزائدة، وتحقيق توازن في السوق.
كما يطالب العاملون في القطاع بإنشاء احتياطي استراتيجي من الكتاكيت وبيض التفريخ، لمواجهة أي اضطرابات مستقبلية قد تحدث في السوق، سواء نتيجة الكوارث الطبيعية أو الأزمات الاقتصادية، مؤكدين أن تأمين المخزون الحيوي يُعد خطوة ضرورية لضمان استقرار أسعار الكتاكيت على المدى الطويل.
القطاع يواجه مفترق طرق ما بين الانهيار والإنقاذ
تشير مؤشرات السوق إلى أن قطاع الدواجن في مصر يمر حاليًا بمرحلة دقيقة، تتطلب تدخلًا سريعًا من الجهات المختصة لضبط آليات الإنتاج والتسعير. فاستمرار انخفاض أسعار الكتاكيت دون وجود خطط لإعادة توزيع الإنتاج أو فتح التصدير قد يدفع بمزيد من المنتجين إلى الخروج من السوق، ما يهدد بإرباك إمدادات الغذاء الأساسية للمواطنين.
ويبدو أن النجاح في تجاوز هذه الأزمة يعتمد على تنسيق حقيقي بين الجهات الحكومية، ومنتجي الدواجن، والتجار، بهدف إعادة ضبط التوازن في السوق، وضمان استمرار سلاسل الإنتاج، وتحقيق الاستفادة المتبادلة لجميع الأطراف.
اقرأ أيضاً: 80 جنيها لكيلو الدواجن البيضاء.. استقرار أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية