أثار محسن صالح، المدير الفني الأسبق للمنتخب المصري وعضو اللجنة الفنية الحالية باتحاد الكرة، ورئيس لجنة التخطيط السابق بالنادي الأهلي، جدلاً واسعًا بتصريحاته الأخيرة التي هاجم فيها بشدة مستوى الجيل الحالي من لاعبي كرة القدم في مصر، مشيرًا إلى ضعف الفكر والاحترافية مقارنة بأجيال سابقة. التصريحات التي تضمنت وصف بعض اللاعبين بـ”الفاشلين”، فتحت باب النقاش واسعًا حول واقع “لاعبي الأهلي” حاليًا، ومدى تراجع أداء الفريق مقارنة بما كان عليه سابقًا.
في هذا التقرير الموسع، نستعرض الخلفيات والتطورات التي سبقت تصريحات محسن صالح، ونحلل أداء لاعبي الأهلي في المواسم الأخيرة، مع العودة لأرقام دقيقة ومقارنات بين الأجيال المختلفة، واستعراض آراء محللين محليين وعالميين حول واقع الكرة المصرية.
من أين بدأت شرارة التصريحات؟
محسن صالح ليس غريبًا عن النادي الأهلي، فهو أحد الأسماء التي أسهمت في تأسيس رؤية فنية طويلة المدى خلال فترات قيادته للجنة التخطيط بالنادي. ومع ذلك، فتصريحاته الأخيرة جاءت على غير المتوقع، حيث أشار إلى أن لاعبي الجيل الحالي يفتقرون إلى الثقافة والانضباط العقلي، مؤكدًا أن التعليم والثقافة كانا يلعبان دورًا محوريًا في تكوين اللاعب سابقًا.
يقول صالح، بحسب الحوار المنشور في “المصري اليوم”، إن اللاعبين في الماضي كانوا يجمعون بين الدراسة الأكاديمية والممارسة الاحترافية، وهو ما انعكس إيجابًا على قراراتهم داخل وخارج الملعب. أما الجيل الحالي، فيرى أنه يفتقر إلى هذا التوازن، واصفًا بعض اللاعبين بـ”الفاشلين” من حيث العقلية، وليس فقط المستوى البدني أو الفني.
أقرَا أيضًأ: هل ضم باريس سان جيرمان لـ عبدالرحمن فيصل صفقة الموسم؟
تراجع مستوى لاعبي الأهلي: أرقام وإحصائيات
وفقًا لبيانات موقع Transfermarkt العالمي، فإن القيمة السوقية الحالية للفريق الأول بالنادي الأهلي قد تراجعت بنسبة 12% منذ بداية عام 2024، وهو ما يعكس تراجعًا في أداء عدد من لاعبيه الأساسيين، خاصة في الخط الأمامي.
أرقام مثل:
- عدد الأهداف المسجلة في الموسم الأخير بالدوري الممتاز: 46 هدفًا فقط.
- عدد التمريرات الحاسمة في آخر 10 مباريات: 8 فقط.
- متوسط تقييم اللاعبين في المباريات الكبرى: 6.3 من 10، بحسب SofaScore.
كل هذه المؤشرات تدعم رؤية محسن صالح بأن هناك فجوة فنية واضحة بين لاعبي الأهلي حاليًا، وأولئك الذين مثّلوا النادي في العصر الذهبي.
هل افتقد الأهلي شخصية القائد داخل الملعب؟
من أبرز الانتقادات التي طالت لاعبي الأهلي الحاليين، عدم وجود قائد فعلي على أرض الملعب. منذ رحيل حسام عاشور وشريف إكرامي، فقد الفريق عنصر القيادة المؤثرة، وهو ما انعكس في تكرار الأخطاء داخل الملعب، سواء على مستوى التنظيم الدفاعي أو اتخاذ القرار الهجومي.
يشير محللون إلى أن وجود قائد مثل محمد أبو تريكة أو وائل جمعة في الماضي، كان يضمن استقرارًا نفسيًا وفنيًا للفريق حتى في أصعب الظروف. غياب هذا النوع من اللاعبين اليوم، يفتح الباب لتساؤلات عن كيفية إعداد القادة داخل منظومة النادي.
أقرًا أيضًا: هل يعود ثنائي الهلال في الوقت المناسب قبل مواجهة فلومينينسي؟
مقارنة بين الجيل الذهبي والجيل الحالي من لاعبي الأهلي
العنصر | الجيل الذهبي (2005-2013) | الجيل الحالي (2020-2025) |
---|---|---|
عدد البطولات الكبرى | 21 | 10 |
عدد اللاعبين الدوليين | 9 | 4 |
متوسط الأعمار | 27 | 24 |
القائد داخل الملعب | أبو تريكة، بركات، جمعة | الشناوي |
الانضباط والانتماء | مرتفع | متوسط |
الحضور الجماهيري | 30-40 ألف في المباراة | أقل من 15 ألف |
الجدول يوضح التفاوت الكبير بين جيلي لاعبي الأهلي، ويدعم رؤية محسن صالح بأن الجيل السابق كان أكثر التزامًا وقدرة على تحقيق البطولات.
تأثير السوشيال ميديا على عقلية اللاعب
في تصريحات مشابهة لتصريحات محسن صالح، قال مدرب الأهلي الأسبق، مانويل جوزيه، إن الجيل الحالي من اللاعبين في مصر أصبح أكثر انشغالًا بالسوشيال ميديا من التدريب أو التطوير الفني. وأكد أن متابعة اللاعب لمواقع التواصل قد تؤثر على تركيزه داخل وخارج الملعب.
تشير دراسة نشرتها صحيفة “The Athletic” البريطانية في مايو 2025، إلى أن 68% من اللاعبين في شمال إفريقيا يتعرضون لضغوط نفسية متزايدة بسبب التفاعل السلبي مع جماهيرهم عبر الإنترنت، ما يؤثر مباشرة على أدائهم.
هذا يفسر لماذا طالب محسن صالح بضرورة التركيز على “العقلية” قبل “الموهبة” في تقييم اللاعبين، مؤكدًا أن الاحتراف لا يُقاس فقط بعدد المباريات أو العروض الخارجية.
ماذا تقول آراء الجماهير والنقاد؟
على منصات التواصل الاجتماعي، انقسمت آراء جماهير الأهلي حول تصريحات محسن صالح. البعض اعتبرها واقعية وصريحة، خاصة مع تذبذب نتائج الفريق في البطولات الإفريقية، وآخرها الخروج من نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا 2025 أمام الرجاء المغربي.
في المقابل، رأى البعض أن صالح كان قاسيًا، واعتبر أن الجيل الحالي يواجه تحديات مختلفة، منها ضغط الجماهير، وزيادة وتيرة المباريات، ومحدودية وقت الإعداد البدني.
الإعلامي أحمد شوبير علق قائلًا: “محسن صالح له رؤية فنية محترمة، لكن لا بد من دعم اللاعبين نفسيًا، فالوصف بالفشل قد يكون قاسيًا على بعضهم”.
هل من أمل في استعادة الهيبة؟
في ظل هذه الانتقادات، تعمل إدارة النادي الأهلي على إعادة ترتيب البيت من الداخل، من خلال صفقات جديدة، وتدعيم الجهاز الفني، والتركيز على الجانب النفسي للاعبين.
التقارير تشير إلى قرب التعاقد مع لاعب أجنبي في مركز خط الوسط الهجومي، لتوفير رؤية جديدة في بناء الهجمات، إلى جانب فتح قنوات تواصل مع لاعبي الفريق القدامى لنقل الخبرات إلى الجيل الحالي.
كما أن الجهاز الفني بقيادة خوسيه ريبيرو، أعد خطة تطوير شاملة تستهدف تحسين الأداء الذهني والانضباط التكتيكي، وهو ما قد يعيد للأهلي بريقه المفقود ويغير نظرة أمثال محسن صالح تجاه “لاعبي الأهلي” في المستقبل القريب.
في النهاية
تصريحات محسن صالح عن “لاعبي الأهلي” فتحت النقاش مجددًا حول معايير اختيار وتكوين اللاعب المحترف في مصر، وأبرزت الحاجة الماسة لإصلاحات عميقة تتجاوز حدود التدريب البدني إلى بناء شخصية متكاملة للاعب. وبينما يختلف البعض مع أسلوب التصريح، يتفق الجميع على أن النادي الأهلي بحاجة لوقفة داخلية شجاعة تُعيد إليه هيبته، وتمنح جمهوره ما يستحقه من أداء ونتائج وبطولات.