يشهد “التعاون الزراعي بين مصر ورومانيا” تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وذلك في ظل جهود البلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية وتوسيع مجالات الاستثمار الزراعي. ويأتي هذا التحرك في سياق نتائج ومخرجات اللجنة المصرية الرومانية المشتركة التي عقدت بالعاصمة بوخارست، والتي وضعت خريطة طريق جديدة للتعاون الثنائي في مجالات الزراعة، الميكنة، التصنيع، وتبادل السلع الاستراتيجية، على رأسها القمح.
شراكة استراتيجية مبنية على الخبرة والثقة
ناقش علاء فاروق، وزير الزراعة المصري، مع سفيرة رومانيا بالقاهرة أوليفيا تودرين، آليات تعزيز التعاون الزراعي بين مصر ورومانيا، وخاصة في مجالات الاستثمار والتصنيع المحلي. وتم التأكيد على أهمية تصنيع المعدات الزراعية الرومانية داخل مصر بالشراكة مع القطاع الخاص، في ظل ما تتمتع به المنتجات الرومانية من موثوقية وتاريخ طويل في مجال الزراعة.
هذا التعاون لا يقتصر فقط على التبادل التجاري، بل يتضمن أيضًا نقل المعرفة والخبرة الرومانية في تصنيع الميكنة الزراعية وخدمات ما بعد البيع، مما يعزز قدرات الصناعة المحلية ويوفر فرص عمل جديدة.
القمح الروماني: مورد استراتيجي للسوق المصري
أشار وزير الزراعة إلى أن رومانيا تُعد من أهم المناشئ التي تعتمد عليها مصر في استيراد القمح، حيث يتم استيراد ما يقارب مليون طن سنويًا. ومع الظروف العالمية التي أثرت على سلاسل الإمداد، مثل الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الحبوب، فإن هذا التعاون يوفر لمصر بديلًا آمنًا ومستقرًا لمورد غذائي حيوي.
وفي ضوء الاهتمام المصري بتأمين احتياجاتها الغذائية، فإن تعزيز العلاقات مع رومانيا في هذا القطاع يعد توجهًا استراتيجيًا لتقليل الاعتماد على أسواق مضطربة.
استثمارات زراعية واعدة وأدوار للقطاع الخاص
طرحت السفيرة الرومانية مقترح دعوة وزير الزراعة الروماني إلى القاهرة لبحث عدد من الملفات، بما فيها تطوير الشراكة بين القطاعين الخاصين في البلدين. ومن المتوقع أن يصاحب الوزير الروماني عدد من كبار المستثمرين الرومانيين في مجالات الغذاء والميكنة.
وتم الاتفاق على إجراء اجتماعات افتراضية تمهيدية بين رجال الأعمال المصريين والرومانيين، لصياغة دراسات جدوى واقعية لمشروعات استثمارية مشتركة في مختلف الأنشطة الزراعية، كخطوة أولى نحو إطلاق شراكات فعلية.
اقرأ ايضاً: الكهرباء تكشف المفاجأة.. لا لتخفيف الأحمال في الصيف رغم دفع 25 مليار جنيه شهريًا للبترول
مصر كبوابة إلى أفريقيا: بُعد جغرافي واستراتيجي
أكد وزير الزراعة المصري على أن مصر تمثل بوابة مثالية للدخول إلى الأسواق الأفريقية. فبجانب موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تمتلك مصر شبكة من الاتفاقيات التجارية مع عدد من الدول الأفريقية، ما يجعلها نقطة انطلاق مثالية للمنتجات الرومانية الراغبة في التوسع خارج أوروبا.
ويُنتظر أن تشكل المشاريع الزراعية المشتركة قاعدة انطلاق لشركات رومانية من خلال الأراضي المصرية، لتلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق الإقليمية.
أثر التعاون المشترك على حجم التبادل التجاري
بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ورومانيا أكثر من مليار دولار في عام 2024، وهو رقم مرشح للزيادة في ظل تطور العلاقات الزراعية والاستثمارية بين الطرفين. ويمثل هذا التعاون الزراعي رافعة حقيقية لتحقيق التوازن التجاري بين الجانبين، خاصة إذا ما تم تفعيل التصنيع المحلي وتبادل الخبرات في الإنتاج والتسويق.
ومن المتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة توقيع مذكرات تفاهم إضافية، تشمل مشروعات متخصصة في تطوير سلاسل القيمة الزراعية، مثل التصنيع الغذائي، وتكنولوجيا الري، والطاقة المتجددة في الزراعة.
المتحف الزراعي كرمز للتاريخ والشراكة
على هامش الزيارة، تفقدت السفيرة الرومانية المتحف الزراعي المصري بالدقي، حيث أبدت إعجابها الشديد بالتاريخ الزراعي العريق لمصر، وأكدت أن مثل هذه الرموز الثقافية تلعب دورًا في تعميق الفهم المتبادل بين الشعوب.
وتعد هذه الزيارة أيضًا خطوة بروتوكولية تعزز من العلاقات الثقافية والدبلوماسية، وتفتح آفاقًا للتعاون في مجالات تعليم الزراعة، والمشروعات الطلابية المشتركة بين الجامعات المصرية والرومانية.
اقرأ ايضاً: توقعات سعر الذهب 2025 تثير الجدل.. هل تقود تصريحات بنك أمريكا لارتفاعات تاريخية؟
